إستراتيجية الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين لرقمنة المهنة
بين التعميم والإبداع
إعداد الأستاذ : عيـساني فؤاد
رئيس الغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين بالوسط
تقديم :
تمثل التكنولوجيات الرقمية، التي تتزايد قوتها، من نواح كثيرة فرصة لتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين وفق إستراتيجية سنحاول التطرق إليها من خلال هذه المداخلة .
دعونا نتفق على تعريف مصطلح رقمي فهو :
•مجموعة من تكنولوجيات دائمة التطور )مثل تكنولوجيات الجوال والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأنترنت على سبيل المثال لا الحصر ( تؤثر في جميع جوانب حياتنا .
•طريقة تفكير تترجم إلى طريقة عمل جديدة تمكن الأشخاص والمؤسسات من الابتكار باستخدام التكنولوجيا.
01- مشاكل مهنة المحضر القضائي في عصر الرقمنة:
لو ننظر إلي مشاكل مهنة المحضر القضائي في عصر الرقمنة لوجدنا من أهمها مايلي:
أ- تقليدية تسيير مكتب المحضر القضائي : فمازال معظم مكاتب المحضرين القضائيين تسير بالطرق التقليدية التي تقوم علي الجهد البشري وتفتقد للطرق الحديثة في تسخير تقنيات ماوصلت إليه التكنولوجيا الرقمية من برمجيات وأليات متطورة لتسيير المكاتب وإختصار الوقت ، وكذا إستغلال آليات التواصل الحديثة عبر الأنترنت من بريد إلكتروني والتواصل المرئي عن بعد.
ب -تقليدية العقل المهني : نملك عقلا مهنيا ليس مهيأ بما يكفي لبروز دور فاعل للرقمنة في تسيير المكاتب والتعامل مـع المشكلات .
ج- الفجوة الرقمية بين المهنة والوصاية (digital divide): هي الفارق في حــيازة تكنولوجيا الرقمنة بشكـلها الحـديث وحــيازة المهارات التي يتطلبها التعامل معـــــها بين الوصـــــاية ومهنة المحضرين القضائيين وتعود أسبابها إلي :
• سرعة تطور الوصاية في تكنولوجيات الرقمنة فهي تتطور بمعـــــدلات متسارعة في العتاد والبرمجيات . مما يزيد من الهوة بينها وبين المحضر القضائي
• غياب ولوقت قريب سياسات تنمية رقمية داخل المهنة. لأن هكذا سياســـات تحتاج إلي قدر كبير من التحكم في التكنولوجيات الرقمية ودرجة عالية من الوعي .
• الجمود المهني من خلال سمة ضعف القابلية للتغيـــــير , وكذا غــــياب الثقافة العلمية التكنولوجية الرقمية .
• نقص النصوص القانونية . فهناك نقص من حيث النصوص القانونية التي تحــــكم مهنة المحضر القضائي من حيث حصر دوره في مجالات تقليدية في حين أنه بإمكـانه أن يكون له دور أكثر تواكبية مع المتطلبات الجديدة للواقع المعيش , من خلال منـــحه أدوار غير تقليدية تواكب إحتياجات الدولة والمجتمع وإعطائه أكثر حـــــرية في التعامل مع أدواره التقليدية . وكذا الإنفتاح علي العالمية.
02- ثنائية التعميم والإبداع في إستراتيجية الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين لرقمنة مهنة المحضر القضائي :
إن السرعة الفائقة التي ميزت إنتشار التكنولوجيا الرقمية والمزايا التي تقدمها لمستعـمليها كـانت من أهم إنشغالات الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين الذين وجدت نفسها أمام خيارين هما:
o إستراتيجية الإنتظار : إن هذه الاستراتيجية تقوم علي التراجع إتجاه الرقمنة . بمـعني أنــــه بالرغم من إحساسنا بهذه الحركية الجديدة إلا أن رد الفعل يكون لاحقا ، وهي إسترتيجية كانت متبعة وإلى وقت قريب .
o إستراتيجية الحركة والإنضمام : وهي ما إعتمدتها الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين مؤخرا وفق أجندة زمنية تمتد من سنة 2022 إلى سنة 2025 , لأنها تحــسن الإنتاجية ونوعية الخدمات المقدمة نتيجة إستخدام تكنولوجيا الرقمنة ، وتقوم هذه الإستراتيجية على مايلي :
أ – تعميم رقمنة مهنة المحضر القضائي :
وذلك بمايلي :
إنشاء موقع إلكتروني لهيئات المهنة : عملت الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين على إنشاء موقع إلكتروني خاص بها ومواقع إلكترونية خاصة بالغرف الجهوية لا سيما منها هذا الموقع والذي سيسمح للمهنة بتحقيق الأهـــــــداف التالية:
- وسيلة ترقية للمهنة تسمـح بالتعـــريف بها عبـــر أكبر شبــــكة للإتصال.
- يسمح بالإخلاص للمهنة , علي إعتبار أن الحفاظ علي المحضرين القضائيين يمر بالضرورة عبر مسايرة التحولات التي يعرفها العالم في مجال التكــنولوجـيات الحديثة
- وسيلة لمتابعة المحضرين القضائيين وجميع زوار الموقع الأخرين مما يسمح من معرفة مجال إهتمامهم.
ب –إبداع رقمنة مهنة المحضر القضائي :
رقمنة مسار المحضر القضائي : من خلال تعامله مع الهيئات التابع لها بإنشاء أرضية رقمية وتطبيق خاص بالهواتف النقالة تهدف إلى تسهيل عملية التواصل بينه وبين الغرف ومن خلال هذا يمكن للمحضر القضائي عبر هذه الأرضية :
- القيام بتسديد إشتراكاته السنوية عن بعد عن طريق وسائل الدفع الالكتروني.
- طلب الوصولات والسجلات وكافة الخدمات المقدمة من الغرف مع إمكانية التوصيل الى غاية المكتب.
- النشر والإشهار عبر مختلف الجرائد الورقية أو الالكترونية التي تتعاقد معها الغرف دوريا للحصول على عروض تنافسية.
-الإستفادة من كافة الخدمات الإجتماعية التي تقدمها الغرف من خلال الإتفاقيات المبرمة.
- حجز وتأكيد الحضور للملتقيات والجمعيات التي تنظمها الغرف وإختيار الخدمات التي تعرض في هذا الشأن كخدمات الإيواء والمبيت.
- الاطلاع على التقارير الأدبية والمالية التي تعرض بالجمعيات بصيغة الكترونية.
- متابعة المسار المهني للمحضر القضائي إلكترونيا ومتابعة مآل الطلبات التي يقدمها للغرف في حينه.
- الإطلاع على كل المذكرات والإرساليات الصادرة على الغرف والموجهة للمحضرين بخاصية الإشعارات الأنية.
- معرفة الإجتماعات المحلية والجهوية التي تعقد مع إشعارات بالإعلام بوجود اجتماعات على مستوى التنسيقيات أو المندوبيات.
- إتاحة بيانات المحضرين وعناوينهم الإلكترونية وبيانات تحديد مواقع مكاتبهم لتسهيل عملية وصول المواطنين إليهم.
- إتاحة عملية البحث عن الأشخاص و المؤسسات من خلال إتفاقيات مع المنظومة الرقمية للسجل التجاري، المنظومة الرقمية لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، وغيرها من الهيئات التي توسع تدريجيا.
- الأرضية تضمن أمن المعلومات المتبادلة بنظام حماية عالي الدقة.
الإدارة الإلكترونية لمكاتب المحضرين :
تعكف الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين على إدراج البرمجة المعلوماتية داخل نسق عــــــمل المحضر القضائي . وهو مايعرف بالإدارة الإلكتـرونية التي تختص بتحويل جمــــيع المعلومات والوظائف ذات الطبيعة الورقية إلي عمليات ذات طبيعة إلكترونية. والغرفة الوطنية تعمل الآن على إستحداث برنامج إعلام ألي يضم جميع المحاضر التي يحررها المحضر القضائي وفق تصور مستمد قانون مهنة المحضلا القضائي الجديد و من مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية . وتظهر أهمية الإدارة الإلكترونية لمكاتب المحضرين في تنفيذ جميع أو بعض الأعمال دون ضــرورة التنقل إلي مكتب العمل . وتبـــادل المعلومات مع المكتب بإستعــــــــمال وسائل الإتصال والأنترنت, كما يمــــكن متابعة مجريات المكتب من خلال كاميرات رقمية مثبــتة عن طريق الأنترنت . وكذا التسيير الأحسن لزمن العمل وإستـــــــغلال أمثل له وذلك بالتخــــفيض من التنقلات.وتحسين إنتاجية أمانة المكتب وكذا المساعدين.
- الوصول إلى ربط الإدارات التي يتعامل معها المحضر القضائي يوميا مع الأرضية : والتي من خلالها يقوم بالتعامل مع تلك الإدارات عبر قنوات رسمية وأمنة ، لتسهيل عملية البحث عن أموال المدين المنقولة أو العقارية.
– إنشاء قاعدة بيانات مركزية لتحليل المعطيات ، و إستدراك النقائص قصد الوصول إلى إنشاء ممارسات فضلى في مجال التبليغ والتنفيذ .
ج- إسناد التبليغ عن الطريق الإلكتروني للمحضر القضائي :
من خلال مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية قيد الإعداد . و التبليغ الإلكتروني هو تبليغ وإرسال الوثائق والمحرارات القضائية والمستنـــــدات بالطريق الإلكتروني , ويجب أن تتضمن الوسائل التقنية المستعملة في هذا التبليغ عـــــــــلى التعرف الموثوق على أطراف التراسل الإلكتروني , وســــــلامة الوثائق المرسلة وكـــذا أمــــن وسرية التراسل وحفظ المعطيات بما يسمح بتحديد تاريخ الإرسال والإســـــتلام من طـــــرف المرسل بصفة أكيدة .وهو إجراء إعتمدته الوصاية بموجــــــب القانون رقم 15-03 المتــــعلق بعصرنة العدالة.
تبقى إشكالية طـريق دخول الرقمنة نحو مكاتب المحضرين القضائيين والشروع في التبليغ والتنفيذ عن الطريق الإلكـــــتروني . مرتبـــــطا بمسألة التصديق علي التوقيعات الإلكترونية لأطراف التبليغ والتنفيذ , رغم أنها حـلت بموجب القانون 15-03 المتعلق بعصرنة العدالة الذي بموجبه أنشأ منـــــــظومة معــلوماتية مركزية للمعالجة الالية للمعطيات وكذا القانون رقم 15-04 الذي يحــــدد القواعد العـــامة المتعلقة بالتوقيع والتصديق الإلكترونيين والذي بمــــوجبه تم إنشاء الســــــلطة الوطنــــية للتصديق الالكتروني. ولم يبقي سوي تحيين النصــــوص القانــــونية المتعلقة بآليــــات عمل المحضر القضائي لاسيما منها قانون الإجـــــراءات المدنية والإدارية وكذا القوانين المنظمة للمهنة.
03- إقتراح بعض الحلول :
العمل سريعا علي تدارك الفجوة الرقمية بين الوصاية ومهنة المحضر القضائي بإدراج هذا الأخــــــــير في برنامج عصرنة العدالة .
وضع إستراتيجية لتكوين المحضرين على إستــــــخدام تقنــــــــــــيات الرقمنة .
توسيع مهام المحضر القضائي و رقمنتها من خـــلال تحيين النصــــــوص القانونية , وإعــــــطائه دورا فعالا في المستجدات التي يمر بها الإقتصاد الوطني والدولي.
التحول من أساليب التسيير التقليدي للمكاتب إلي التسيير المعصرن يتطــــلب بالدرجــــــة الأولي إلتزاما من هيئات المهنة. ذلك أن مهمة التغيير لايمكن أن تتحقق إلا إذا كانت بصـورة شاملة وبدفع من هيئات المهنة.
القيام بتحضير التغيير الرقمي داخل المهنة من أجل تغيير الذهنيات نحو سلوكات جديدة من شأنها تقبل الميكانيزمات الرقمية المراد إدخالها وتشجيع روح المبادرة في المحضر القضائي نحو نتائج أحـــسن بصورة متواصلة وذلك بالقيام بحملات تحسيسية وأخري تربصية للتعريف بأبعاد وضرورات التغيير الرقمي .